أسرة البلاغ
كيف نطرد شبح السوداوية من حياتنا؟
جميعنا يمر بفترات من هبوط المعنويات تسهم دورة الحياة السريعة، الصاخبة، والمليئة بالضغوط والتوترات في تعميقها وتحويلها أحياناً إلى حالات من الاكتئاب. صحيح أنّه لا يمكننا أن ننأى بأنفسنا عن كل ما يعكر مزاجنا ويسلبنا الشعور بالرضا والارتياح، لكن يمكننا أن نخفف من وقع العوامل الخارجية وتأثيرها في حالتنا النفسية. ويؤكد الخبراء أن إدخال تعديلات بسيطة في نمط حياتنا ونظامنا الغذائي يمكن أن يساعدنا كثيراً في تفادي الوقوع في فخ الاكتئاب.
الأطعمة التي تعزز الإحساس بالارتياح:
- اللبن: عند شراء اللبن، يستحسن اختيار الأنواع الغنية بالبروبايوتيكس (نوع من الجراثيم الصبحية المضافة)، فهي تساعد على خفض مستويات التوتر، ما يجعلنا نشعر بقدر أكبر من الارتياح. أما سبب ذلك فيعود إلى وجود وحدات استقبال للمواد الكيميائية المنظمة للمزاج، بما فيها السيروتونين، في المعدة إضافة إلى الدماغ. ويمكن أن تتأثر هذه الوحدات عن طريق تغيير مستويات الجراثيم في الأمعاء. والسيروتونين هو واحد من أبرز الناقلات العصبية التي يجب أن نركز على رفع مستوياتها.
- الفاصولياء بالصلصة الحارة: يمكن لهذا الطبق الغني بالفيتامين B1 أن يساعد على رفع معنوياتنا. فهذا الفيتامين ضروري لإنتاج الطاقة ولضمان قيام الجهاز العصبي بوظائفه بشكل جيِّد، وكلا الأمرين ضروري لتحسين المزاج.
- البيض: إذ كنا لا نحصل على ما يكفي من فيتامين D عن طريق التعرض لأشعة الشمس، يمكننا أن نعزز مستويات هذا الفيتامين الضروري في جسمنا عن طريق تناول البيض. ويستحسن طبعاً أن نتناول البيض مسلوقاً أو مخفوقاً أو مطبوخاً عن طريق فقسه في الماء المغلي، عوضاً عن تناوله مقلياً بالزيت أو بالزبد.
- الجوز البرازيلي: السيلينيوم هو واحد من أبرز المعادن التي تساعد على تحسين المزاج، فهو يسهم في تحسين الوظائف الدماغية، ويخفف القلق والتوتر ويعزز الإحساس بالارتياح. ويعتبر الجوز البرازيلي من اغنى الأطعمة بالسيلينيوم، لذلك يمكننا تناول حفنة منه في فترة بعد الظهر عوضاً عن الوجبة الخفيفة التي نأكلها عادة، فنحصل على دفعة جيِّدة من العناصر المغذية ونحسن مزاجنا.
- الطماطم: أظهرت دراسة بريطانية أن تناول الطماطم يومياً يخفف من إمكانية معاناة الاكتئاب بنسبة 50%. ويعتقد البحاثة أن سبب ذلك يعود إلى غنى الطماطم بالليكوبين، وهو مضاد أكسدة فاعل، يساعد على الحفاظ على صحة خلايا الدماغ. ويمكننا بكل بساطة أن نجعل مثلاً من حساء الطماطم، أو سلطة الطماطم طبقاً يومياً مع وجبة العشاء أو الغداء.
- الجرجير: تقول المتخصصة البريطانية في العلاجات الطبيعية نيكي دوهتري، إنّ الجرجير يعزز الإحساس بالارتياح، فهو غني جدّاً بالفولات (وهو نوع من أنواع مجموعة فيتامينات B)، يساعد الجسم على خفض مستويات الحامض الأميني الهوموسيستين. فارتفاع مستويات هذا الأخير يؤثر في حسن انسياب الدم إلى الدماغ، ما يؤثر سلباً بدوره في المزاج، ويؤدي إلى هبوط المعنويات، وإلى حدوث تقلبات في حالتنا المزاجية.
- الأسماك الدهنية: تعتبر الأسماك الدهنية مثل السالمون، القد، والتونة والترويت من أبرز المصادر الغذائية لأحماض أوميغا/ 3 الدهنية. وتحتوي هذه الأحماض على عناصر غذائية مهمة جدّاً للجهاز العصبي المركزي. وتقول دوهتري إنّ الأبحاث أظهرت أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين ارتفاع مستويات أحماض أوميغا/ 3 الدهنية والتمتع بمزاج جيِّد. فضلاً عن ذلك، فإنّ العديد من الدراسات الحديثة يظهر أن هناك علاقة أيضاً بين ارتفاع مستويات هذه الأحماض وبين تخفيف مستويات القلق.
- ثمار العليق: جميع هذه الثمار، مثل: التوت، الفراولة، العنبية والتوت البري غنية جدّاً بفيتامين C الذي لا يساعد فقط على تفادي الرشح، بل يمدنا بالنشاط ويتمتع بخصائص محسنة للمزاج، ويساعد على مكافحة الإرهاق الذي يزيد من تدهور المعنويات.
- الكربوهيدرات بطيئة الهضم: يساعد تناول الكربوهيدرات على تعزيز إفراز الناقل العصبي السيروتونين الذي يحسن المزاج، لكنمن المهم تناول الأنواع الكاملة وبطيئة الهضم من الكربوهيدرات لأن فاعلية الأنواع المكررة منها تكون قصيرة الأمد. لذلك يجب أن نتناول مثلاً الأرز الكامل وخبز القمح الكامل عوضاً عن أنواعهما البيضاء.
الحركات والتمارين الرياضية:
من المعروف أنّ ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية بشكل عام تساعد على رفع المعنويات وتحسين المزاج، لكن هناك بعض الحركات والتمارين المحددة التي ينصح بها المتخصص البريطاني مات روبرتس والتي تسهم بشكل خاص في تبديد الاكتئاب وتعزيز الشعور بالرضا والسعادة. وهو يؤكد أن ممارسة هذه التمارين بانتظام تضمن لنا الحفاظ على معنويات جيدة ويحث الجسم على إفراز الناقلات العصبية والهرمونات التي تكافح السوداوية والاكتئاب وعلى رأسها الأدرينالين.
- القفز: يمكن القيام بهذه الحركة البسيطة في أي مكان. لكن علينا أن ننتبه إلى أدائها بالشكل الصحيح. نقف ونباعد قليلاً بين القدمين ثمّ نقفز ونفتح ساقينا ونرفع ذراعينا فوق رأسنا، ولا نكتفي برفعها على مستوى كتفينا. نكرر القفز 15 مرة. ويقول روبرتس إنّ القفز بشكل عام ينشط الدورة الدموية وحركة التنفس ويسهم في إطلاق دفعة قوية من الأندورفينات في الدم. أما حركة القفز هذه التي يطلق عليها اسم قفزة النجمة (لأن شكل الجسم مع فتح الساقين ورفع الذراعين وفتحهما يصبح شبيهاً بالنجمة) مفيدة بشكل خاص لأنها تشمل الجسم بأكمله، فتزداد سرعة نبض القلب، ما يعزز إطلاق المواد الكيميائية الطبيعية التي تحسن المزاج. فضلاً عن ذلك فإنها بسيطة، نتعلم القيام بها بسرعة من دون أن نصاب بالإحباط مثلما يحصل عندما تكون الحركات معقدة.
- الركض السريع: نقف مستقيمي الظهر ثمّ نهرول بسرعة في مكاننا لمدة 10 ثوانٍ، ثمّ نبدأ بالركض بأقصى سرعة ممكنة لمدة 10 ثوانٍ أخرى. ونحرص على تحريك قدمينا بأسرع ما يمكن، ونكرر التمرين 10 مرات. ويقول روبرتس إنّ هذا التمرين البسيط ذو فوائد كثيرة، فهو ينشط القلب بسرعة ويساعد على رفع مستويات الناقلات العصبية المحسنة للمزاج. ويضيف أننا إذا شعرنا بسخافة حركتنا أثناء تنفيذ التمرين، فهذا أمر جيِّد لأنّه سيجعلنا نبتسم.
- فراشة الجدار: نقف وظهرنا يلامس جداراً، وقدمانا على بعد خطوة واحدة من الجدار. نرفع ذراعينا إلى جانبينا حتى يصبح الكوعان على المستوى نفسه للكتفين. نطوي ذراعينا بحيث يشكلان زاوية قائمة عند الكوعين، مع الحرص على أن تظلا ملامستين للجدار، مع رأسنا وظهرنا. نحافظ على وضعية الذراعين هذه، ونخفض عظمتي الكتفين إلى الأسفل، وننزل كوعينا إلى جانبينا. ونحافظ على الذراعيتن واليدين أقرب ما يمكن إلى الجدار. ونكرر الحركة 15 مرة. ويقول روبرتس إنّه عندما نشعر بهبوط في المعنويات فإننا نميل بشكل غريزي إلى حني كتفينا إلى الأمام، لكن حركة فراشة الجدار تساعدنا على فتح صدرنا ورفع كتفينا، ما يساعدنا على استنشاق كمية أكبر من الأكسجين الذي يحسن المزاج، وكلما ازدادت كمية الأكسجين في جسمنا، ارتفعت مستويات الطاقات التي يمكنه إنتاجها. ومن البديهي أن ازدياد الطاقة يجعلنا نشعر بالنشاط والحيوية والرضا.
- القفز في وضعية الجلوس: نقف ثمّ نحرك جسمنا وكأننا نريد أن نجلس على كرسي غير موجود، مع حني الركبتين والدفع بالمؤخرة إلى الخلف. وعند بلوغ هذه الوضعية نحاول أن نقفز إلى أعلى درجة ممكنة، وعندما نعود ونهبط على الأرض، نكرر حركة الجلوس على الكرسي، ونكرر التمرين 15 مرّة. ويعلق روبرتس قائلاً إنّ هذا التمرين لا يساعد فقط على تسريع إيقاع نبض القلب وما يصحبه من ارتفاع في مستويات الأندورفينات، بل إنّ مثل هذه الحركات ذات الدفع القوي تساعد على تبديد كل التوتر الذي يثقل علينا. كذلك فإنها تخلصنا من أي طاقة سلبية متراكمة داخلنا.
- تقوية الظهر والعضلات الداخلية: نستلقي ووجهنا يقابل الأرض، نرفع جسمنا عن الأرض ونلقي بثقل القسم الأعلى منه على ذراعينا اللتين تشكلان زاوية مستقيمة مع الأرض. ونوزع ثقل الجسم بالتساوي بين الذراعين والقدمين. نحرص على إبقاء الظهر مستقيماً والوركين مرتفعين. نحافظ على هذه الوضعية ما بين 30 و60 ثانية. ويقول روبرتس إن من شأن هذا التمرين أن يساعدنا على تحسين وضعية وقوفنا، ويجعلنا نشعر بالارتياح الفوري. كذلك فإنّه يساعد على تقوية العضلات الداخلية للجسم، ما يساعدنا على القيام بكل الحركات الأخرى المذكورة، بل وبكل الأنشطة والتمارين الرياضية عامة.
- رفع الجسم عن الأرض: نستلقي ووجهنا يقابل الأرض، نرفع الجزء العلوي من جسمنا مستعينين بذراعينا بحيث تكون اليدان على الأرض مباشرة تحت الكتفين. نحافظ على استقامة ظهرنا. نرجع كوعينا إلى الخلف ونهبط بصدرنا على الأرض، ثمّ نرفع ركبتينا عن الأرض. ونعود إلى وضعية الانطلاق ونكرر الحركة 12 مرة. ويعلق روبرتس قائلاً إنّ التمارين التي تتطلب رفع وزن الجسم وتحمل ثقله، تمنحنا دفعة من التستوستيرون، وهو الهرمون الذي يجعلنا نشعر وكأنّه في إمكاننا أن نقوم بأي شيء مهما كان صعباً، ويساعد بالطبع على تحسين المزاج.
- تمرين الاسترخاء: بعد أداء التمارين المذكورة، يمكن القيام بهذا التمرين الذي يركز على تمديد العمود الفقري. نستلقي على ظهرنا، نحني الركبة اليمنى، وباليد اليسرى نشدها فوق جسمنا نحو اليسار، مع الحفاظ على كتفينا على الأرض. سنشعر بتمدد في منتصف العمود الفقري وفي عضلات الساقين العليا الداخلية وصولاً إلى الكتفين. نحافظ على الوضعية 30 ثانية، ونتنفس بعمق. نكرر الحركة مرتين على كل جانب. ويؤكد روبرتس أنّ هذا التمرين سيبدد كل التوترات ويمنحنا دقيقتين من الهدوء والسكينة.
نصائح في الحياة اليومية:
التفاؤل ورؤية الجوانب الإيجابية من الأمور ليس مجرد سمة موروثة، إنّه أمر يمكننا جميعاً أن نتعلمه. ويمكننا تطبيق بعض النصائح البسيطة في حياتنا اليومية لتعزيز الشعور بالتفاؤل وتبديد الاكتئاب.
- تفادي الأشخاص السلبيين: الإيجابية تنتقل بالعدوى، والوجود مع أشخاص ينظرون إلى الجوانب المشرقة من الأشياء يعزز لدينا الإحساس بالرضا. والواقع أنّ العلماء لا يعرفون تماماً لماذا يحدث ذلك، لكن إحدى النظريات تقول إن رؤية شخص متفائل "تفعل" لدينا الخلايا العصبية الدماغية نفسها المسؤولة عن هذا الإحساس، ما يدفعنا بشكل لا واعٍ إلى انتهاج سلوك مشابه لسلوكه. وكلما تكرر ذلك، يتعزز هذا النوع من السلوك لدينا ويتحول التفاؤل إلى عادة. من هنا ضرورة الوجود دائماً مع أشخاص متفائلين والابتعاد عن المكتئبين.
- تخيل المستقبل: تقول المتخصصة البريطانية في مكافحة الاكتئاب صونيا ليبوميرسكي إن تخيل المستقبل يعزز نظرتنا الإيجابية في الحياة. وهي تنصحنا بأن نجلس بهدوء لمدة ثلث ساعة ونفكر كيف ستكون حياتنا بعد 5 أو 10 سنوات. نتخيل بالصور مستقبلنا وقد تحقق فيه كل شيء نريده، وكيف عملنا بجهد وبذلنا كل ما في وسعنا لتحقيق أهدافنا. ثمّ نقوم بتدوين كل هذه التخيلات. وهي تؤكد أن من شأن ذلك أن يقوي لدينا "عضلات" التفاؤل.
- استخدام كلمة أو عبارة مختارة: أسهل طريقة للتخلص من الأفكار السلبية هو مكافحتها بتكرار كلمة أو عبارة مريحة تعزز الثقة بالنفس. فتكرار مثل هذه العبارة يتغلب على التفكير التشاؤمي عن طريق كبح الأفكار التي تثبط العزيمة وتحطم المعنويات. وكانت دراسة أميركية قد أثبتت فاعلية تكرار عبارة بسيطة مثل "لنهون على أنفسنا" على رفع معنويات المشاركين، وإخراجهم من الحالة المزاجية السلبية التي كانت تسيطر عليهم.
ارسال التعليق